التاريخ الجاهلي :
اعتاد الناس أن يسموا تاًريخ العرب قبل الإسلام " التاريخ الجاهلي "، أو " تأريخ الجاهلية "، وأن يذهبوا إلى أن العرب كانت تغلب عليهم البداوة ، وأنهم كانوا قد تخلفوا عمن حولهم في الحضارة ، فعاش أكثرهم عيشة قبائل رحل ، في جهل وغفلة ، لم تكن لهم صلات بالعالم الخارجي ، ولم يكن للعلم الخارجي اتصال بهم ، أميوّن ، عبدة أصنام ، ليس لهم تاريخ حافل ، لذلك عرفت تلك الحقبة التي سبقت الإسلام عندهم ب " الجاهلية ".
و " الجاهلية " اصطلاح مستحدث ، ظهر بظهور الإسلام ، وقد أطلق على الحالة قبل الإسلام تمييزا وتفريقاً لها عن الحالة التي صار عليها العرب بظهور الرسالة ، على النحو الذي حدث عندتا وعند غيرنا من الأمم من إطلاق تسميات جديدة للعهود القائمة ، والكيانات الموجودة بعد ظهور أحداث تزلزلها وتتمكن منها ، وذلك لتمييزها وتفريقها عن العهود التي قد سمتها أيضاً بتسميات جديدة . وفي التسميات التي تطلق على العهود السابقة ، ما يدل ضمناً على شيء من الازدراء والاستهجان للأوضاع السابقة في غالب الأحيان .
وقد سبق للنصارى وهم أهل كتاب أن أطلقوا على العصور التي سبقت المسيح والنصرانية " الجاهلية "، أي " أيام الجاهلية "، أو " زمان الجاهلية "، استهجاناً لأمر تلك الأيام ، وإزدراءَ بجهل أصحابها لحالة الوثنية التي كانوا عليها ، ولجهالة الناس إذ ذاك وإرتكابهم الخطايا التي أبعدتهم ، في نظر النصرانية ، عن العلم ، وعن ملكوت الله . " وقد أغش الله عن أزمنة هذا الجهل فيبشر الآن جميع الناس في كل مكان إلى أن يتوبوا ".
وقد وردت لفظة " الجاهلية "، في القرآن الكريم ، وردت في السور المدنية ، دون السور المكية ، فدل ذلك على أن ظهورها كان بعد هجرة الرسول إلى المدينة ، وأن إطلاقها بهذا المعنى كان بعد الهجرة ، وأن المسلمين استعملوها منذ هذا العهد فما بعده .
وقد فهم جمهور من الناس أن الجاهلية من الجهل الذي هو ضد العلم أو عدم اتباع العلم ، ومن الجهل بالقراءة والكتابة ، ولهذا ترجمت اللفظة في الإنكليزية ب " The Time of Ignorance "، وفي ا لألمانية ب " Zeit der Unwissenheit " وفهمها آخرون أنها من الجهل بالله وبرسوله وبشرائع الدين وباتباع الوثنية والتعبد لغير الله ، وذهب آخرون إلى أنها من المفاخرة بالأنساب والتباهي بالأحساب والكبر والتجبر وغر ذلك من الخلال التي كانت من أبرز صفات الجاهلين . ويرى المستشرق " كولدتزهير " " Goldziher " أن المقصود الأول من الكلمة " السفه " الذي هو ضد الحلم ، والأنفة والخفة والغضب وما إلى ذلك من معان ، وهي أمور كانت جد واضحة في حياة الجاهليين ، ويقابلها الإسلام ، الذي هو مصطلح مستحدث أيضاً ظهر بظهور الإسلام ، وعمادة الخضوع لله والانقياد له ونبذ التفاخر بالأحساب والأنساب والكبر وما إلى ذلك من صفات نهى عنها القرآن الكريم والحديث الشريف .
وقد وردت الكلمة في القرآن الكريم في مواضع منه ، منها آية سورة الفرقان : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا : سلاماً ) ، وآية سورة البقرة : ( قالوا أتخذَنا هزواً ? قال : أعوذ بالله إن أكون من الجاهلين ) ، وآية سورة الأعراف : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )، وآية هود : ( أني أعظك أن تكون من الجاهلين ). وفي كل هذه المواضع ما ينم على أخلاق الجاهلية . وقد ورد في الحديث : ( إذا كان أحدكم صائماً ، فلا يرفث ولا يجهل ) ، وورد أيضاً : " إنك امرؤ فيك جاهلية " وبهذا المعنى تقريباً وردت الكلمة في قول عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علـينـا
= فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أي : لا يسفه أحد علينا ، فنسفه عليهم فوق سفههم ، أي نجازيهم جزاء يربي عليه . واستعمال هذا اللفظ بهذا المعنى كثير .
وجاء في سورة المائدة : " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " أي أحكام الملة الجاهلية وما كانوا عليه من الضلال والجور في الأحكام والتفريق بين الناس في المنزلة والمعاملة .
وأطلقوا على " الجاهلية الجهلاء "، والجهلاء صفة للأولى يراد بها التوكيد ، وتعني " الجاهلية القديمة ". وكانوا إذا عابوا شيئاً واستبشعوه ، قالوا : " كان ذلك في الجاهلية الجهلاء ". و " الجاهلية الجهلاء " هي الوثنية التي حاربها الإسلام . وقد أنب القرآن المشركين على حميتهم الوثنية ، فقال : ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية) .
عندما تم ذكر الإسلام في صدد الحديث عن تأريخ العصر الجاهلي . وتم إعتباره على أنه مستحدث ، فلم يكن استحداثه هنا منسوبا لتأريخ الحالة العقائدية ، التي تنفي حالة استحداثه . إنما تم ذكر إستحداثها على الحالة التي نحن بصددها .
ولو عدنا للفظ الجاهلية ، كما لها من مدلول عملي ، فهي تعني عدم الحلم وعدم الإدراك والسفه والصبيانية . ففي العراق إلى الآن يطلق على الطفل ( جاهل ) . ويجمعونه ب ( جهال ) .
ومن المدلولات المعنوية ، للبلاغة في التسفيه في حالة المقارنة ، فإن العهد الذي يسبق عهد ذوي الخطاب السائد ، سيطلق عليهم ـ دون أدنى شك ـ ألفاظا تبرر حالة التغيير ، لإعطاء الخطاب الراهن أهميته وأهمية مبرراته ، ففي عهدنا الحالي ، ما أن يجري تغيير سياسي في منطقة أو دولة حتى ينهال الراهنون في الخطاب بكيل الصفات التي توحي للآخرين بأهمية التغيير ، فينعتوه بالعهد البائد والعهد الظالم الخ .. ونحن إذ نتتبع تطور الحالة العربية ، لا بد من الإفصاح عن غاياتنا من تناول هذا الموضوع وما يصب في نفس غاياته من مواضيع أخرى
اعتاد الناس أن يسموا تاًريخ العرب قبل الإسلام " التاريخ الجاهلي "، أو " تأريخ الجاهلية "، وأن يذهبوا إلى أن العرب كانت تغلب عليهم البداوة ، وأنهم كانوا قد تخلفوا عمن حولهم في الحضارة ، فعاش أكثرهم عيشة قبائل رحل ، في جهل وغفلة ، لم تكن لهم صلات بالعالم الخارجي ، ولم يكن للعلم الخارجي اتصال بهم ، أميوّن ، عبدة أصنام ، ليس لهم تاريخ حافل ، لذلك عرفت تلك الحقبة التي سبقت الإسلام عندهم ب " الجاهلية ".
و " الجاهلية " اصطلاح مستحدث ، ظهر بظهور الإسلام ، وقد أطلق على الحالة قبل الإسلام تمييزا وتفريقاً لها عن الحالة التي صار عليها العرب بظهور الرسالة ، على النحو الذي حدث عندتا وعند غيرنا من الأمم من إطلاق تسميات جديدة للعهود القائمة ، والكيانات الموجودة بعد ظهور أحداث تزلزلها وتتمكن منها ، وذلك لتمييزها وتفريقها عن العهود التي قد سمتها أيضاً بتسميات جديدة . وفي التسميات التي تطلق على العهود السابقة ، ما يدل ضمناً على شيء من الازدراء والاستهجان للأوضاع السابقة في غالب الأحيان .
وقد سبق للنصارى وهم أهل كتاب أن أطلقوا على العصور التي سبقت المسيح والنصرانية " الجاهلية "، أي " أيام الجاهلية "، أو " زمان الجاهلية "، استهجاناً لأمر تلك الأيام ، وإزدراءَ بجهل أصحابها لحالة الوثنية التي كانوا عليها ، ولجهالة الناس إذ ذاك وإرتكابهم الخطايا التي أبعدتهم ، في نظر النصرانية ، عن العلم ، وعن ملكوت الله . " وقد أغش الله عن أزمنة هذا الجهل فيبشر الآن جميع الناس في كل مكان إلى أن يتوبوا ".
وقد وردت لفظة " الجاهلية "، في القرآن الكريم ، وردت في السور المدنية ، دون السور المكية ، فدل ذلك على أن ظهورها كان بعد هجرة الرسول إلى المدينة ، وأن إطلاقها بهذا المعنى كان بعد الهجرة ، وأن المسلمين استعملوها منذ هذا العهد فما بعده .
وقد فهم جمهور من الناس أن الجاهلية من الجهل الذي هو ضد العلم أو عدم اتباع العلم ، ومن الجهل بالقراءة والكتابة ، ولهذا ترجمت اللفظة في الإنكليزية ب " The Time of Ignorance "، وفي ا لألمانية ب " Zeit der Unwissenheit " وفهمها آخرون أنها من الجهل بالله وبرسوله وبشرائع الدين وباتباع الوثنية والتعبد لغير الله ، وذهب آخرون إلى أنها من المفاخرة بالأنساب والتباهي بالأحساب والكبر والتجبر وغر ذلك من الخلال التي كانت من أبرز صفات الجاهلين . ويرى المستشرق " كولدتزهير " " Goldziher " أن المقصود الأول من الكلمة " السفه " الذي هو ضد الحلم ، والأنفة والخفة والغضب وما إلى ذلك من معان ، وهي أمور كانت جد واضحة في حياة الجاهليين ، ويقابلها الإسلام ، الذي هو مصطلح مستحدث أيضاً ظهر بظهور الإسلام ، وعمادة الخضوع لله والانقياد له ونبذ التفاخر بالأحساب والأنساب والكبر وما إلى ذلك من صفات نهى عنها القرآن الكريم والحديث الشريف .
وقد وردت الكلمة في القرآن الكريم في مواضع منه ، منها آية سورة الفرقان : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا : سلاماً ) ، وآية سورة البقرة : ( قالوا أتخذَنا هزواً ? قال : أعوذ بالله إن أكون من الجاهلين ) ، وآية سورة الأعراف : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )، وآية هود : ( أني أعظك أن تكون من الجاهلين ). وفي كل هذه المواضع ما ينم على أخلاق الجاهلية . وقد ورد في الحديث : ( إذا كان أحدكم صائماً ، فلا يرفث ولا يجهل ) ، وورد أيضاً : " إنك امرؤ فيك جاهلية " وبهذا المعنى تقريباً وردت الكلمة في قول عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علـينـا
= فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أي : لا يسفه أحد علينا ، فنسفه عليهم فوق سفههم ، أي نجازيهم جزاء يربي عليه . واستعمال هذا اللفظ بهذا المعنى كثير .
وجاء في سورة المائدة : " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " أي أحكام الملة الجاهلية وما كانوا عليه من الضلال والجور في الأحكام والتفريق بين الناس في المنزلة والمعاملة .
وأطلقوا على " الجاهلية الجهلاء "، والجهلاء صفة للأولى يراد بها التوكيد ، وتعني " الجاهلية القديمة ". وكانوا إذا عابوا شيئاً واستبشعوه ، قالوا : " كان ذلك في الجاهلية الجهلاء ". و " الجاهلية الجهلاء " هي الوثنية التي حاربها الإسلام . وقد أنب القرآن المشركين على حميتهم الوثنية ، فقال : ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية) .
عندما تم ذكر الإسلام في صدد الحديث عن تأريخ العصر الجاهلي . وتم إعتباره على أنه مستحدث ، فلم يكن استحداثه هنا منسوبا لتأريخ الحالة العقائدية ، التي تنفي حالة استحداثه . إنما تم ذكر إستحداثها على الحالة التي نحن بصددها .
ولو عدنا للفظ الجاهلية ، كما لها من مدلول عملي ، فهي تعني عدم الحلم وعدم الإدراك والسفه والصبيانية . ففي العراق إلى الآن يطلق على الطفل ( جاهل ) . ويجمعونه ب ( جهال ) .
ومن المدلولات المعنوية ، للبلاغة في التسفيه في حالة المقارنة ، فإن العهد الذي يسبق عهد ذوي الخطاب السائد ، سيطلق عليهم ـ دون أدنى شك ـ ألفاظا تبرر حالة التغيير ، لإعطاء الخطاب الراهن أهميته وأهمية مبرراته ، ففي عهدنا الحالي ، ما أن يجري تغيير سياسي في منطقة أو دولة حتى ينهال الراهنون في الخطاب بكيل الصفات التي توحي للآخرين بأهمية التغيير ، فينعتوه بالعهد البائد والعهد الظالم الخ .. ونحن إذ نتتبع تطور الحالة العربية ، لا بد من الإفصاح عن غاياتنا من تناول هذا الموضوع وما يصب في نفس غاياته من مواضيع أخرى
الأربعاء سبتمبر 07, 2011 5:07 am من طرف محمد جلول
» كلمات تدمع العين
الأحد سبتمبر 04, 2011 5:11 am من طرف محمد جلول
» الم وحزن من الفراق
الأحد سبتمبر 04, 2011 4:51 am من طرف محمد جلول
» إعراب كلمة فلسطين
الجمعة سبتمبر 02, 2011 1:21 pm من طرف jode
» أنور إمـــــــــــام شعر ولمحة بسيطة
الجمعة أغسطس 26, 2011 1:47 pm من طرف jode
» اسباب اعتداء الجن على مساكن الانس ودلائل تواجدها
الجمعة أغسطس 26, 2011 1:39 pm من طرف jode
» لست ادري هل أنا وحيييييد؟؟؟؟
الأربعاء أغسطس 24, 2011 8:13 am من طرف محمد جلول
» كيف يمكنك معرفة الساحر؟؟؟
الأربعاء أغسطس 24, 2011 8:10 am من طرف محمد جلول
» قصة حزينة بابيات شعرية مؤثرة
الإثنين أغسطس 22, 2011 8:34 am من طرف محمد جلول