نجاح هي الوحيدة من أخواتها التي لم تتزوج وكان عزائها أنها تعيش في كنف والدها المتقدم بالسن في دار فسيحة كانت تضم قي الماضي كل أفراد الأسرة الذين تفرقوا مع مرور الأيام بعيداً عن هذه الدار.
لم يكن يمزق قلب الأب ويقلقه إلا أن يرى ابنته تتقدم بالعمر وهي يائسة من أي بارقة أمل في الزواج وذات ليلة طرق عليها باب غرفتها يحمل إليها بعضاً من سندات التمليك لكثير من العقارات ودفعها بين يديها وعيناه تدمعان، قال لها: ياابنتي لقد تزوج كل إخوتك إلا أنت.. فخذي هذه علّها تكون تعويضاً عما فاتك من هذه الحياة وأرفق مع هذه السندات صكاً يتضمن تنازلاً عن ملكية العقارات. بكت نجاح.. وبكى معها أبوها..
ودعت له بتمام الصحة وطول العمر ولكن العمر لم يطل فما هي إلا أيام حتى وافت الأب المنية وترك ابنته وحيدة.
ما إن انتهت مراسم الوفاة وما يتبعها من تقاليد.. حتى بدأت نجاح تسمع أجزاء همس من بعيد يريد تصفية التركة وتوزيعها ولكنها كانت الأسرع فسألت عن معقب معاملات نشيط لينقل لها ملكية العقارات، فقادها السؤال إلى رجل كان موظفاً سابقاً في مديرية المالية ثم سرحته الوزارة ويدعى ( لطفي ) وأصدقائه يلقبونه مزاحاً ( أبو لطفي المطفي ) لكثرة ما يتناول من الكحول.
( لطفي ) كان رجلاً ذكياً في مجال عمله فهو يعرف كيف يتعامل مع الموظفين وكان دائماً السباق في إنجاز معاملاته بين زملائه من معقبي المعاملات إلا مع نجاح فلم تحظى معاملاتها بما كانت تريد وتشتهي ففي كل يوم عذر، الأمر الذي أفسح له المجال أن يزيد من وتيرة اجتماعاته بها إلى أن أصبح لقاءه معها في كل يوم أمراً محتماً لا محيد عنه والذريعة هي واحدة، معاملات (نقل الملكية).
من خلال هذا التردد عرف ( لطفي) الكثير عن نجاح.. وألم بكل تفاصيل علاقتها مع أسرتها وأصدقائها وجيرانها... الأمر الذي أهلّه أن يكون قريباً من منصب ( المستشار ) الشخصي لها حتى لم تعد تجد أي حرج في إستقباله في دارها متى شاء وأراد والذريعة المعلنة واحدة.. إنجاز المعاملات العقارية ( معاملة الطابو).
قارئة الفنجان
خلال ذلك لاحظ لطفي نجاح مغرمة ( بشرب القهوة ) لا لشيء إلا ليقرأ أحدهم لها الطالع وسألته ذات يوم إن كان يعرف أحداً يقرأ لها الفنجان ويكشف لها الطالع، فأجابها بثقة أنه يعرف امرأة لايخطئ طالعها أبداً... والناس تقصدها من كل حدب وصوب، وفوراً أخرجت عدداً من الأوراق النقدية دستها في كفه ورجته أن يحضرها لها.
توجه لطفي مباشرة إلى أحد مخيمات ( النوَر ) الضاربين في ضواحي دمشق وبدأ يسأل ويبحث عن امرأة تقرأ بالفنجان وتضرب بالمندل.. ولم يطل الأمر به كثيراً حتى وجد ضالته، وفي الطريق أفهمها لطفي أن الزبونة المتجهين إليها مليئة وكريمة.. وعليها أن تحسب له شيئاً من الأتعاب فرفعت قارئة الفنجان إصبعها إلى عينها وقالت له: من عينيَّ الإثنتين.
وتكررت زيارة قارئة الفنجان إلى منزل نجاح وتكررت قراءة الطالع وكان لطفي يزود قارئة الفنجان بالكثير من التفاصيل عن حياة نجاح سواء ما يتعلق بالماضي أو الحاضر .. أو عما تنوي فعله في المستقبل الأمر الذي عزز ثقة نجاح بهذه القارئة إلى أبعد الحدود ولم يعد في مقدورها أن تخلفها في أمر أو أن ترفض لها طلباً.
وبعد طول تسويف أنجز لطفي كافة المعاملات العقارية وبحسبة بسيطة وجد ان نجاح أصبحت تملك من العقارات ما تزيد قيمته عن ثمانين مليون ليرة سورية، فضلاً عن الشقة التي تسكنها وأثاثها الفاخر من موبيليا وسجاد وتحف وثريات كريستال.
الزواج بالخديعة
فكر ( لطفي ) بالموضوع وأخذ يقلبه من كل جوانبه وأطرفه.. وبدأ يسأل نفسه لماذا لا يتقدم إليها ويفاتحها بطلب يدها.. هل سترفض؟ ثم بدأ مع نفسه حواراً ذاتياً ولماذا ترفض...؟ ها قد شارفت على الأربعين.. ولم يتقدم إليها أحد.. ثم ما هي علّته.. صحيح أنه متزوج وله أولاد.. ولكنه مستعد أن يهجر زوجته لا بل يطلقها عند اللزوم.
وبعد طول تفكير توجه لطفي إلى مضارب ( النوَر ) للقاء قارئة الفنجان وإقناعها بمساعدته التي أصغت باهتمام لما يقوله وأدركت على التو وبذكائها الفطري ما يريده منها وأظهرت تفهمها الواضح ثم مدت يدها وبسطت كفها أمامه وقالت بلهجة الواثق ( بيض فألك ) ولكن من أين له أن يدفع لها الآن، وبعد أخذ ورد عقد معها اتفاقاً أن يكون الدفع وبسخاء بعد إنجاز المهمة مباشرة.
لم يطل الأمر كثيراً حتى نثرت قارئة الفنجان أمام نجاح قبضة من الودع وبدأت تحملق فيه بطريقة مدروسة ثم جمعته وأعادت نثره من جديد فقطبت جبينها.. وعلا وجهها عبوس مخيف مما دفع نجاح إلى أن تسألها والرعب بدأ يتسلل إلى أوصالها ماذا وجدت؟ فوضعت إصبعها على شفتيها وأشارت عليها بالصمت وكأنها تحذرها من مغبة الكلام، ثم أخذت تصعد نظراتها ببطء شديد على وجه نجاح دون أن ترفع رأسها.. الودع يقول أن مصيبة فظيعة ستحل بك في نهاية هذا الأسبوع.. ما لم تقبلي الزواج .. ثم سكتت.. أقبله ممن؟!..
من أول رجل يتقدم إليك.
وبحركة مسرحية متقنة نهضت قارئة الفنجان وغادرت المنزل مسرعة دون تحية أو استئذان وتركت نجاح تغرق في ذهول مخيف!!.
أول رجل يتقدم إليها كان السيد لطفي الذي جاءها بكامل أناقته، صحيح نجاح لم تكن تتوقع أن يكون أول رجل سيتقدم إليها ولكنها لم تتفاجأ بحضوره ولذلك وجد (أبو لطفي المطفي ) طريقاً إليها سالكاً وآمناً كما وعدته قارئة الفنجان.
كان لخبر زواج نجاح من ( لطفي ) وقع الصاعقة على إخوتها وأهلها، فمن غير المعقول أن تتزوج نجاح رجلاً له زوجة وأولاد.. ثم الأهم رجل سمعته الاجتماعية سيئة ورغم أن الجميع حاول إثناءها عن هذا الارتباط إلا أن نجاح لم تأبه وتزوجت لطفي على أسنة الرماح لتعيش معه.
حين قبل أخوة نجاح بما آل إليها من أملاك وعقارات هبة أو إرثاً عن والدهم المتوفي كان ذلك بدافع التقدير لوضعها الإجتماعي، أما وأنها تزوجت فلم يعد ما يبرر هذا القبول..
لذلك راح الجميع يسأل عن حل قانوني يعيد توزيع التركة من جديد.. وهذا أقرب إلى العدالة وأدعى على راحة البال.
ووصلت أصداء هذا السعي المحموم إلى مسامع نجاح وأن أهلها في طريقهم إلى تجريدها من أملاكها وعقاراتها عن طريق المحاكم، فأسرت إلى زوجها لطفي ما وصلها بالأخبار المزعجة...
وأصبح لطفي مليونيراً
وبدلاً من أن يهدئ من روعها راح لطفي يؤجج مخاوفها أكثر فأكثر قائلاً أن القانون ليس في جانبها..
وإن في تاريخ المحاكم الكثير من القضايا المشابهة، وأن إخوتها سيجردونها حتى من المنزل الفخم الذي تسكنه وعليها منذ الآن أن تشد الرحال لتغادره إلى منزل سواه، حتى أوصل زوجته إلى ذروة القلق ودفعها أن تسأله بتوسل وإلحاح أن يدرء عنها ما يسعى إليه أهلها.
فاستمهلها أياماً عدة لإيجاد الحل وبعد عدة أيام وفي الظهيرة حين عاد لطفي إلى الدار كان بصحبته ( كاتب العدل ) وكان قد أعد الأوراق اللازمة لنقل ملكية العقارات كافة إلى اسم لطفي بيعاً وشراءً لا نكول فيه ولا عدول.. ولا ينقص هذه الأوراق سوى توقيع صاحبة العلاقة..
وأمام تردد نجاح في التوقيع راح لطفي يشرح لها وبحماس شديد الغاية من ذلك.. وأن إخوتها إذا ما ربحوا دعواهم أمام القضاء فلن يجدوا لديها ما يستردوه منها لأن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة حتى إذا إنجلت الغمة أعاد لها كل شيء، ثم أخذ يحثها ويستعجلها في التوقيع إلى أن أذعنت ووقعت.
وبعد بضعة أيام وبينما كانت نجاح تهتم بشؤون البيت زارتها قارئة الفنجان على غير موعد ففرحت بزيارتها كثيراً وجلستا سوية تتسامران.. ومن حديث إلى آخر.. جاءت نجاح على ذكر ما فعلته من نقل كل أمواها وعقاراتها بإسم زوجها لطفي وطلبت منها أن تقرأ لها في الودع لتتأكد من صحة وسلامة ما فعلته وتعرف الحقيقة، لم تكن قارئة الفنجان بحاجة إلى الودع لتعرف الزواج من نجاح أصلاً، وبالتالي أن يلطش هذه الملايين من وراء ظهرها.
فكرت قارئة الفنجان قليلاً واستمهلها الجواب إلى حين قريب..
إنتقام البصارة
لما استوقفت قارئة الفنجان لطفي في مدخل البناء لم يكن يخطر في باله أن تطلب هذه ( النَّوَرية ) مقاسمته بما آل إليه واعتبر ما تقوله في منتهى الوقاحة فنهرها وطردها.. وهددها بالشرطة إن عادت إلى داره ثانية.
لكنها عادت في غيابه فانفردت بالسيبدة نجاح.. ونثرت أمامها الودع وبدأت تقرأ لها فيه وبدأ دم نجاح يغلي ويفور وبدأت أوداجها تنتفخ غيظاً وحقداً.. وأدركت قارئة الفنجان أنها وصلت في سردها إلى مبتغاها وهي تعرف جيداً أن نجاح تصدق كل ما تقوله لها ثم إستأذنت.. وغادرت وهي مطمئنة على ما تفعله نجاح.
بعد يومين فقط حين عاد لطفي إلى داره، وقبل أن يضع المفتاح في قفل الباب سمع لغطاً آتياً من الداخل.. ولما دخل وجد في الداخل عدداً من رجال المباحث وبعض إخوتها ومعهم كاتب العدل.. فحاول أن يعود أدراجه ولكنهم لحقوا به وأمسكوا به. حينها أدرك لطفي الذي إصفر وحهه وارتجفت شفتاه أن لا محالة من التوقيع صاغراً على صك يعيد كل ما نقله إلى إسمه من أملاك زوجته، ثم قام أحد رجال المباحث بوضع القيد الحديدي قي يده وساقه للتحقيق..
وبينما كان رجال المباحث يدفعون لطفي إلى داخل السيارة وهو مكبل بالقيد كانت قارئة الفنجان تقف على الجانب الآخر من ناصية الشارع..
هذه القصص مقتبسة من برنامج حكم العدالة التي بثت حلقاته في الثمانيات و التسعينات من القرن الماضي
لم يكن يمزق قلب الأب ويقلقه إلا أن يرى ابنته تتقدم بالعمر وهي يائسة من أي بارقة أمل في الزواج وذات ليلة طرق عليها باب غرفتها يحمل إليها بعضاً من سندات التمليك لكثير من العقارات ودفعها بين يديها وعيناه تدمعان، قال لها: ياابنتي لقد تزوج كل إخوتك إلا أنت.. فخذي هذه علّها تكون تعويضاً عما فاتك من هذه الحياة وأرفق مع هذه السندات صكاً يتضمن تنازلاً عن ملكية العقارات. بكت نجاح.. وبكى معها أبوها..
ودعت له بتمام الصحة وطول العمر ولكن العمر لم يطل فما هي إلا أيام حتى وافت الأب المنية وترك ابنته وحيدة.
ما إن انتهت مراسم الوفاة وما يتبعها من تقاليد.. حتى بدأت نجاح تسمع أجزاء همس من بعيد يريد تصفية التركة وتوزيعها ولكنها كانت الأسرع فسألت عن معقب معاملات نشيط لينقل لها ملكية العقارات، فقادها السؤال إلى رجل كان موظفاً سابقاً في مديرية المالية ثم سرحته الوزارة ويدعى ( لطفي ) وأصدقائه يلقبونه مزاحاً ( أبو لطفي المطفي ) لكثرة ما يتناول من الكحول.
( لطفي ) كان رجلاً ذكياً في مجال عمله فهو يعرف كيف يتعامل مع الموظفين وكان دائماً السباق في إنجاز معاملاته بين زملائه من معقبي المعاملات إلا مع نجاح فلم تحظى معاملاتها بما كانت تريد وتشتهي ففي كل يوم عذر، الأمر الذي أفسح له المجال أن يزيد من وتيرة اجتماعاته بها إلى أن أصبح لقاءه معها في كل يوم أمراً محتماً لا محيد عنه والذريعة هي واحدة، معاملات (نقل الملكية).
من خلال هذا التردد عرف ( لطفي) الكثير عن نجاح.. وألم بكل تفاصيل علاقتها مع أسرتها وأصدقائها وجيرانها... الأمر الذي أهلّه أن يكون قريباً من منصب ( المستشار ) الشخصي لها حتى لم تعد تجد أي حرج في إستقباله في دارها متى شاء وأراد والذريعة المعلنة واحدة.. إنجاز المعاملات العقارية ( معاملة الطابو).
قارئة الفنجان
خلال ذلك لاحظ لطفي نجاح مغرمة ( بشرب القهوة ) لا لشيء إلا ليقرأ أحدهم لها الطالع وسألته ذات يوم إن كان يعرف أحداً يقرأ لها الفنجان ويكشف لها الطالع، فأجابها بثقة أنه يعرف امرأة لايخطئ طالعها أبداً... والناس تقصدها من كل حدب وصوب، وفوراً أخرجت عدداً من الأوراق النقدية دستها في كفه ورجته أن يحضرها لها.
توجه لطفي مباشرة إلى أحد مخيمات ( النوَر ) الضاربين في ضواحي دمشق وبدأ يسأل ويبحث عن امرأة تقرأ بالفنجان وتضرب بالمندل.. ولم يطل الأمر به كثيراً حتى وجد ضالته، وفي الطريق أفهمها لطفي أن الزبونة المتجهين إليها مليئة وكريمة.. وعليها أن تحسب له شيئاً من الأتعاب فرفعت قارئة الفنجان إصبعها إلى عينها وقالت له: من عينيَّ الإثنتين.
وتكررت زيارة قارئة الفنجان إلى منزل نجاح وتكررت قراءة الطالع وكان لطفي يزود قارئة الفنجان بالكثير من التفاصيل عن حياة نجاح سواء ما يتعلق بالماضي أو الحاضر .. أو عما تنوي فعله في المستقبل الأمر الذي عزز ثقة نجاح بهذه القارئة إلى أبعد الحدود ولم يعد في مقدورها أن تخلفها في أمر أو أن ترفض لها طلباً.
وبعد طول تسويف أنجز لطفي كافة المعاملات العقارية وبحسبة بسيطة وجد ان نجاح أصبحت تملك من العقارات ما تزيد قيمته عن ثمانين مليون ليرة سورية، فضلاً عن الشقة التي تسكنها وأثاثها الفاخر من موبيليا وسجاد وتحف وثريات كريستال.
الزواج بالخديعة
فكر ( لطفي ) بالموضوع وأخذ يقلبه من كل جوانبه وأطرفه.. وبدأ يسأل نفسه لماذا لا يتقدم إليها ويفاتحها بطلب يدها.. هل سترفض؟ ثم بدأ مع نفسه حواراً ذاتياً ولماذا ترفض...؟ ها قد شارفت على الأربعين.. ولم يتقدم إليها أحد.. ثم ما هي علّته.. صحيح أنه متزوج وله أولاد.. ولكنه مستعد أن يهجر زوجته لا بل يطلقها عند اللزوم.
وبعد طول تفكير توجه لطفي إلى مضارب ( النوَر ) للقاء قارئة الفنجان وإقناعها بمساعدته التي أصغت باهتمام لما يقوله وأدركت على التو وبذكائها الفطري ما يريده منها وأظهرت تفهمها الواضح ثم مدت يدها وبسطت كفها أمامه وقالت بلهجة الواثق ( بيض فألك ) ولكن من أين له أن يدفع لها الآن، وبعد أخذ ورد عقد معها اتفاقاً أن يكون الدفع وبسخاء بعد إنجاز المهمة مباشرة.
لم يطل الأمر كثيراً حتى نثرت قارئة الفنجان أمام نجاح قبضة من الودع وبدأت تحملق فيه بطريقة مدروسة ثم جمعته وأعادت نثره من جديد فقطبت جبينها.. وعلا وجهها عبوس مخيف مما دفع نجاح إلى أن تسألها والرعب بدأ يتسلل إلى أوصالها ماذا وجدت؟ فوضعت إصبعها على شفتيها وأشارت عليها بالصمت وكأنها تحذرها من مغبة الكلام، ثم أخذت تصعد نظراتها ببطء شديد على وجه نجاح دون أن ترفع رأسها.. الودع يقول أن مصيبة فظيعة ستحل بك في نهاية هذا الأسبوع.. ما لم تقبلي الزواج .. ثم سكتت.. أقبله ممن؟!..
من أول رجل يتقدم إليك.
وبحركة مسرحية متقنة نهضت قارئة الفنجان وغادرت المنزل مسرعة دون تحية أو استئذان وتركت نجاح تغرق في ذهول مخيف!!.
أول رجل يتقدم إليها كان السيد لطفي الذي جاءها بكامل أناقته، صحيح نجاح لم تكن تتوقع أن يكون أول رجل سيتقدم إليها ولكنها لم تتفاجأ بحضوره ولذلك وجد (أبو لطفي المطفي ) طريقاً إليها سالكاً وآمناً كما وعدته قارئة الفنجان.
كان لخبر زواج نجاح من ( لطفي ) وقع الصاعقة على إخوتها وأهلها، فمن غير المعقول أن تتزوج نجاح رجلاً له زوجة وأولاد.. ثم الأهم رجل سمعته الاجتماعية سيئة ورغم أن الجميع حاول إثناءها عن هذا الارتباط إلا أن نجاح لم تأبه وتزوجت لطفي على أسنة الرماح لتعيش معه.
حين قبل أخوة نجاح بما آل إليها من أملاك وعقارات هبة أو إرثاً عن والدهم المتوفي كان ذلك بدافع التقدير لوضعها الإجتماعي، أما وأنها تزوجت فلم يعد ما يبرر هذا القبول..
لذلك راح الجميع يسأل عن حل قانوني يعيد توزيع التركة من جديد.. وهذا أقرب إلى العدالة وأدعى على راحة البال.
ووصلت أصداء هذا السعي المحموم إلى مسامع نجاح وأن أهلها في طريقهم إلى تجريدها من أملاكها وعقاراتها عن طريق المحاكم، فأسرت إلى زوجها لطفي ما وصلها بالأخبار المزعجة...
وأصبح لطفي مليونيراً
وبدلاً من أن يهدئ من روعها راح لطفي يؤجج مخاوفها أكثر فأكثر قائلاً أن القانون ليس في جانبها..
وإن في تاريخ المحاكم الكثير من القضايا المشابهة، وأن إخوتها سيجردونها حتى من المنزل الفخم الذي تسكنه وعليها منذ الآن أن تشد الرحال لتغادره إلى منزل سواه، حتى أوصل زوجته إلى ذروة القلق ودفعها أن تسأله بتوسل وإلحاح أن يدرء عنها ما يسعى إليه أهلها.
فاستمهلها أياماً عدة لإيجاد الحل وبعد عدة أيام وفي الظهيرة حين عاد لطفي إلى الدار كان بصحبته ( كاتب العدل ) وكان قد أعد الأوراق اللازمة لنقل ملكية العقارات كافة إلى اسم لطفي بيعاً وشراءً لا نكول فيه ولا عدول.. ولا ينقص هذه الأوراق سوى توقيع صاحبة العلاقة..
وأمام تردد نجاح في التوقيع راح لطفي يشرح لها وبحماس شديد الغاية من ذلك.. وأن إخوتها إذا ما ربحوا دعواهم أمام القضاء فلن يجدوا لديها ما يستردوه منها لأن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة حتى إذا إنجلت الغمة أعاد لها كل شيء، ثم أخذ يحثها ويستعجلها في التوقيع إلى أن أذعنت ووقعت.
وبعد بضعة أيام وبينما كانت نجاح تهتم بشؤون البيت زارتها قارئة الفنجان على غير موعد ففرحت بزيارتها كثيراً وجلستا سوية تتسامران.. ومن حديث إلى آخر.. جاءت نجاح على ذكر ما فعلته من نقل كل أمواها وعقاراتها بإسم زوجها لطفي وطلبت منها أن تقرأ لها في الودع لتتأكد من صحة وسلامة ما فعلته وتعرف الحقيقة، لم تكن قارئة الفنجان بحاجة إلى الودع لتعرف الزواج من نجاح أصلاً، وبالتالي أن يلطش هذه الملايين من وراء ظهرها.
فكرت قارئة الفنجان قليلاً واستمهلها الجواب إلى حين قريب..
إنتقام البصارة
لما استوقفت قارئة الفنجان لطفي في مدخل البناء لم يكن يخطر في باله أن تطلب هذه ( النَّوَرية ) مقاسمته بما آل إليه واعتبر ما تقوله في منتهى الوقاحة فنهرها وطردها.. وهددها بالشرطة إن عادت إلى داره ثانية.
لكنها عادت في غيابه فانفردت بالسيبدة نجاح.. ونثرت أمامها الودع وبدأت تقرأ لها فيه وبدأ دم نجاح يغلي ويفور وبدأت أوداجها تنتفخ غيظاً وحقداً.. وأدركت قارئة الفنجان أنها وصلت في سردها إلى مبتغاها وهي تعرف جيداً أن نجاح تصدق كل ما تقوله لها ثم إستأذنت.. وغادرت وهي مطمئنة على ما تفعله نجاح.
بعد يومين فقط حين عاد لطفي إلى داره، وقبل أن يضع المفتاح في قفل الباب سمع لغطاً آتياً من الداخل.. ولما دخل وجد في الداخل عدداً من رجال المباحث وبعض إخوتها ومعهم كاتب العدل.. فحاول أن يعود أدراجه ولكنهم لحقوا به وأمسكوا به. حينها أدرك لطفي الذي إصفر وحهه وارتجفت شفتاه أن لا محالة من التوقيع صاغراً على صك يعيد كل ما نقله إلى إسمه من أملاك زوجته، ثم قام أحد رجال المباحث بوضع القيد الحديدي قي يده وساقه للتحقيق..
وبينما كان رجال المباحث يدفعون لطفي إلى داخل السيارة وهو مكبل بالقيد كانت قارئة الفنجان تقف على الجانب الآخر من ناصية الشارع..
هذه القصص مقتبسة من برنامج حكم العدالة التي بثت حلقاته في الثمانيات و التسعينات من القرن الماضي
عدل سابقا من قبل عمر في الخميس ديسمبر 02, 2010 5:32 am عدل 1 مرات
الأربعاء سبتمبر 07, 2011 5:07 am من طرف محمد جلول
» كلمات تدمع العين
الأحد سبتمبر 04, 2011 5:11 am من طرف محمد جلول
» الم وحزن من الفراق
الأحد سبتمبر 04, 2011 4:51 am من طرف محمد جلول
» إعراب كلمة فلسطين
الجمعة سبتمبر 02, 2011 1:21 pm من طرف jode
» أنور إمـــــــــــام شعر ولمحة بسيطة
الجمعة أغسطس 26, 2011 1:47 pm من طرف jode
» اسباب اعتداء الجن على مساكن الانس ودلائل تواجدها
الجمعة أغسطس 26, 2011 1:39 pm من طرف jode
» لست ادري هل أنا وحيييييد؟؟؟؟
الأربعاء أغسطس 24, 2011 8:13 am من طرف محمد جلول
» كيف يمكنك معرفة الساحر؟؟؟
الأربعاء أغسطس 24, 2011 8:10 am من طرف محمد جلول
» قصة حزينة بابيات شعرية مؤثرة
الإثنين أغسطس 22, 2011 8:34 am من طرف محمد جلول